عقار جديد لعلاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني «تيكتورنا tekturna » يخمد نشاط الرينين الذي تفرزه الكلية اثناء التوتر وتصلب الشرايين
مع وجود اكثر من مائة نوع من الادوية المخفضة للضغط في
الصيدليات، الا ان موافقة وكالة الغذاء والدواء الاميركية (إف دي أيه) على
عقار آخر جديد قد اثار اهتماما واسعا، لا بل ان الأمر اكثر اهمية من ذلك.
«فهذا (العقار) هو فئة جديدة من العقاقير التي تظهر
بعد مضي عقد من الزمان، والذي له آلية عمل تتعدى مجرد ضغط الدم»، كما تقول
نعومي فيشر التي تدير خدمات مرضى الضغط العالي في مستشفى بريغهام النسائي
المرتبط مع هارفارد.
ويدعى العقار الجديد «آليسكيرين» Aliskiren الذي سيباع تحت الاسم التجاري «تيكتيورنا» Tekturna.
وهو يعمل عن طريق اخماد نشاط الـ«رينين» التي تصنعها الكلى.
والرينين renin هو الوصلة الاولى في سلسلة تدعى نظام رينين ـ انجيوتينسين
renin-angiotensin. وهذه الشبكة من الاعضاء والانسجة والهرمونات تساعد على
تنظيم ضغط الدم.
وتقوم الكلى بشكل مستمر بافراز كميات صغيرة من
الـ«رينين» ووظيفته شق الـ«انيوجيوتينسينوجين» angiotensinogen وهي جزيئات
يصنعها الكبد لتنفسخ عنها مادة اصغر تدعى «انجيوتينسين 1».
ثم يقوم انزيم تحويل انجيوتينسين ACE
angiotensin-converting enzyme الموجود داخل بطانة جدران الشرايين بتغيير
«انجيوتينسين 1» الى «انجيوتينسين 2»، وهذه هي المادة المسؤولة التي تجعل
الاوعية الدموية تنقبض وتنكمش وتنشط الهرمونات الاخرى التي ترفع ضغط الدم
والمتورطة في اتلاف الكلى والعيون والاعضاء الاخرى التي تصاحب عادة داء
السكري والضغط العالي.
والكثير من العوامل كالتوتر وتضيق وتصلب الشرايين تدفع
الكليتين الى افراز «رينين» اضافي الذي يرفع من ضغط الدم، كما انه يطلق
دورة من ارتفاع ضغط الدم المتزايد ليقوم النشاط المستمر لـ«رينين»
والـ«انجيوتينسين 2» عبر السنين باتلاف الكليتين.
وبعض العقاقير الحالية التي تعالج ضغط الدم العالي
تستهدف نظام «رينين ـ انجيوتينسين»، فـ«حاصرات بيتا» مثلا تبطئ من اطلاق
الـ«رينين» من الكليتين، في حين تقوم «مثبطات انزيم الانجيوتنسين» ACE
inhibitors بالحيلولة دون تحول «انجيوتينسين 1» الى «انجيوتينسين 2».
اما «مثبطات مستقبلات الانجيوتنسين» ARB Angiotensin
receptor blockers فتحول دون تلاقي «انجيوتينسين 2» بالمستقبلات الموجودة
في الاوعية الدموية التي عليها ان تنشطها ليكون هناك اي تأثير.
ورغم التفاؤل الكبير الذي حصل لدى اطلاق هذه العقاقير،
لكنها لم تؤد الى الاغلاق الكامل لـ«نظام رينين ـ انجيوتينسين». ويعمل
عقار «تيكتيورنا» بشكل مسبق في سلسلة رينين ـ انجيوتينسين، فهو يلاحق
الـ«رينين» ويجعله خامدا عاجزا. وتقوم هذه الخطوة في النهاية بالتحكم بجميع
الخطوات اللاحقة لان «ثبيط الـ«رينين» قد يخمد النظام برمته، وهو امر لا
تستطيع الادوية الحالية القيام به» على حد قول الدكتورة فيشر.
وتعمل حاصرات ACE والمثبطات ARB في اسفل المجرى، اي في
منتصفه او قرب نهايته. وبينما تؤدي هذه العقاقير عملها هذا، تقوم الكليتان
بالتعويض عن انخفاض نشاط «انجيوتينسين 2» بانتاج المزيد من الـ«رينين»،
وهذا قد يؤدي في نهاية المطاف الى التغلب على العقاقير وانهاكها في نهاية
المجرى والمساهمة في التلف الذي يحدثه الضغط العالي في الكليتين والعيون
والاعضاء الاخرى.
واظهر عقار تيكتيورنا في الاختبارات السريرية فعالية
كبيرة في تخفيض ضغط الدم، تماما مثل سائر العقاقير الاخرى، ولدى الرجال
والنساء معا، وكذلك بالنسبة الى الكبار والصغار.
ويبدو ان له تأثيرات جانبية قليلة من سائر الادوية الاخرى، كما ان مفعوله استمر 24 ساعة، مما يعني تناوله مرة واحد في اليوم.
وما زالت التجارب سارية لمعرفة ما اذا كان يقدم حماية
خاصة بالنسبة الى الاشخاص المصابين بامراض في الكلى او السكري او الفشل
القلبي.
ولكن يجب ألا يغرب عن الذاكرة ان اختبارات هذا العقار
وسلامته وفعاليته شملت اقل من 7000 شخص حتى الان، اذ ان الذين تعاطوه لا
يزيدون عن 1250 شخصا لمدة سنة كاملة.
والحقيقة ان فعالية دواء تيكتيورنا لا تظهر الا بعد تعاطيه من قبل مئات الآلاف من الاشخاص لسنوات عديدة.
وبالنسبة الى 65 مليون اميركي يعانون من ضغط الدم
العالي فان ثلثيهم لا يسيطرون عليه كما يجب، فاذا كنت واحدا من امثال
هؤلاء، فانه بالرغم من جهودك الحثيثة في تناول الادوية بانتظام والقيام
بالتمارين الجسدية اللازمة لابقاء ضغط الدم ضمن معدلاته الطبيعية، فان
اضافة تيكتيورنا قد يساعدك!